بسم الله الرحمن الرحيم
اللهم صل على محمد و آل محمد
علم الطبيعة و ما أودع الله فيها من الحكمة
أيها الناظر في هذا الباب اعلم أنه من أهم الأبواب و أوكدها و أكثرها فائدة لطالب هذا العلم و لمن أراد معرفة كيفية انتظام الأكوان قاطبة من معدن و و نبات و حيوان و انسان فمن تمهر في هذا الباب عرف تراكيب الأشياء و منافعها و معرفتها .
فأقول و بالله أستعين أن القدماء قد اختلفوا في الطبائع البسيطة كيف هي و تنازعوا في عددها
و قال قوم منهم و هم المحققون أرباب البصائر
أن الطبائع و الأمهات الأوائل هي : الحرارة و الرطوبة و البرودة و اليبوسة ، هي في الحقيقة كيفيات و أوائل البسيطات و لم يختلفوا في ذلك .
ثمّ يتلوها المركبات الأولى و هي قولنا : حار و بارد و رطب و يابس ، و ذلك أكرمك الله أن قولنا حار فهي مادة صحبتها حرارة و كذلك الأمر في باقيها و ليس ذلك كقولنا حرارة و برودة و رطوبة و يبوسة
التركيب ثاني و هو قولنا : حار يابس و بارد يابس و حار رطب و بارد رطب فإن هذه الثانية في التركيب ، فقد بان أنها ليست واحدة إذا كانت الحرارة غير اليبوسة و غير الرطوبة و كذلك الحال في البرودة مع غيرها .
ثمّ يتلوها تركيب ثالث و هي قولنا النار و الهواء و الماء و التراب ،
ثم تركيب رابع و هو الذي في الأشخاص و ذلك قد ينقسم أقساما إما في العوالم و إما في الفصول الأربعة و هي الصيف و الخريف و الشتاء و الربيع ،
و أما في الناس و الحيوان فهي الصفراء و الدم و البلغم و السوداء ،
و اعلم أن العناصر التي في الإنسان ألطف جدا مما في الحيوان لأن طبائع الحيوان كثيفة كدرة جدا ،
و أما التي في النبات هي التي يقال فيها الأدهان و الأصماغ و البزور و الأصول و كذلك الحال في طبائع الأحجار
و من نظر إلى ما قلناه في طبائع الحيوان و الانسان فيجب له أيضا أن يجعل القياس في طبائع النبات و الأحجار كذلك سواء و يجعل إصابة الطبائع كالحال في الانسان و يجعل التي في الأحجار كالحال في الحيوان ، ثمّ بعد هذه المركبات سبع مركبات أخرى و هي الآخرة و ذلك كالأدوية و الألبنة و الأغذية و سائر الأشياء التي هذا حالها و جميع الأشياء التي انفلقت اليها جميع الطبائع البسيطات منها و المركبات سبعة أقسام في كلّ عنصر ، فالعناصر أربعة و في كل واحد منها سبعة فيكون المجموع ثمانية و عشرين ، سبعة حارة و سبعة باردة و سبعة رطبة و سبعة يابسة كالحال في الحروف الثمانية و العشرين
ثم أقول و بالله التوفيق إن الحرارة و البرودة و الرطوبة و اليبوسة مثل النار و الهواء و الماء و التراب من وجوه كثيرة ظاهرة بالحس و القياس ، فمنها النار إنما تصف بالحرارة لأنها حارة يابسة و ليست توصف بالحرارة لأنها نار بل لأنها ليست مركبة لأن كل مركب إنما يكون مؤلفا من أوائله التي يوصف بها ، و إما أن يكون مركبا من أمور عنها لم يزل فالحرارة قبل النار و البرودة قبل الماء و الرطوبة قبل الهواء و اليبوسة قبل التراب ، لكن ذلك عن طريق التحليل الحال في الكبد و الطحال و المرارة و الرأس و الرجلين و اليدين و الرئة و القلب و سائر ما بقي من هذه الأجزاء ؛ فالحرارة من دوام حركة الفلك ، و البرودة من جهة مركز الأرض الذي يسمى مركز الكل ، و لهذا كانت الهيولي فيها فائدة الكون .
و اعلم أن البرودة تناقض الحرارة في جميع أحوالها كلها أعني في الطبائع و الحركة و السكون ، و كما أن الحرارة كيفية تجمع الأشياء المتماثلة و تفرق الأشياء المتضادة ؛ كذلك الحال في حد البرودة و ذلك أنها تجمع الأشياء المتضادة و تفرق الأشياء المتماثلة و لذلك يقع الخلاف و المناقضة على ذوات المتضادة .
اللهم صل على محمد و آل محمد
علم الطبيعة و ما أودع الله فيها من الحكمة
أيها الناظر في هذا الباب اعلم أنه من أهم الأبواب و أوكدها و أكثرها فائدة لطالب هذا العلم و لمن أراد معرفة كيفية انتظام الأكوان قاطبة من معدن و و نبات و حيوان و انسان فمن تمهر في هذا الباب عرف تراكيب الأشياء و منافعها و معرفتها .
فأقول و بالله أستعين أن القدماء قد اختلفوا في الطبائع البسيطة كيف هي و تنازعوا في عددها
و قال قوم منهم و هم المحققون أرباب البصائر
أن الطبائع و الأمهات الأوائل هي : الحرارة و الرطوبة و البرودة و اليبوسة ، هي في الحقيقة كيفيات و أوائل البسيطات و لم يختلفوا في ذلك .
ثمّ يتلوها المركبات الأولى و هي قولنا : حار و بارد و رطب و يابس ، و ذلك أكرمك الله أن قولنا حار فهي مادة صحبتها حرارة و كذلك الأمر في باقيها و ليس ذلك كقولنا حرارة و برودة و رطوبة و يبوسة
التركيب ثاني و هو قولنا : حار يابس و بارد يابس و حار رطب و بارد رطب فإن هذه الثانية في التركيب ، فقد بان أنها ليست واحدة إذا كانت الحرارة غير اليبوسة و غير الرطوبة و كذلك الحال في البرودة مع غيرها .
ثمّ يتلوها تركيب ثالث و هي قولنا النار و الهواء و الماء و التراب ،
ثم تركيب رابع و هو الذي في الأشخاص و ذلك قد ينقسم أقساما إما في العوالم و إما في الفصول الأربعة و هي الصيف و الخريف و الشتاء و الربيع ،
و أما في الناس و الحيوان فهي الصفراء و الدم و البلغم و السوداء ،
و اعلم أن العناصر التي في الإنسان ألطف جدا مما في الحيوان لأن طبائع الحيوان كثيفة كدرة جدا ،
و أما التي في النبات هي التي يقال فيها الأدهان و الأصماغ و البزور و الأصول و كذلك الحال في طبائع الأحجار
و من نظر إلى ما قلناه في طبائع الحيوان و الانسان فيجب له أيضا أن يجعل القياس في طبائع النبات و الأحجار كذلك سواء و يجعل إصابة الطبائع كالحال في الانسان و يجعل التي في الأحجار كالحال في الحيوان ، ثمّ بعد هذه المركبات سبع مركبات أخرى و هي الآخرة و ذلك كالأدوية و الألبنة و الأغذية و سائر الأشياء التي هذا حالها و جميع الأشياء التي انفلقت اليها جميع الطبائع البسيطات منها و المركبات سبعة أقسام في كلّ عنصر ، فالعناصر أربعة و في كل واحد منها سبعة فيكون المجموع ثمانية و عشرين ، سبعة حارة و سبعة باردة و سبعة رطبة و سبعة يابسة كالحال في الحروف الثمانية و العشرين
ثم أقول و بالله التوفيق إن الحرارة و البرودة و الرطوبة و اليبوسة مثل النار و الهواء و الماء و التراب من وجوه كثيرة ظاهرة بالحس و القياس ، فمنها النار إنما تصف بالحرارة لأنها حارة يابسة و ليست توصف بالحرارة لأنها نار بل لأنها ليست مركبة لأن كل مركب إنما يكون مؤلفا من أوائله التي يوصف بها ، و إما أن يكون مركبا من أمور عنها لم يزل فالحرارة قبل النار و البرودة قبل الماء و الرطوبة قبل الهواء و اليبوسة قبل التراب ، لكن ذلك عن طريق التحليل الحال في الكبد و الطحال و المرارة و الرأس و الرجلين و اليدين و الرئة و القلب و سائر ما بقي من هذه الأجزاء ؛ فالحرارة من دوام حركة الفلك ، و البرودة من جهة مركز الأرض الذي يسمى مركز الكل ، و لهذا كانت الهيولي فيها فائدة الكون .
و اعلم أن البرودة تناقض الحرارة في جميع أحوالها كلها أعني في الطبائع و الحركة و السكون ، و كما أن الحرارة كيفية تجمع الأشياء المتماثلة و تفرق الأشياء المتضادة ؛ كذلك الحال في حد البرودة و ذلك أنها تجمع الأشياء المتضادة و تفرق الأشياء المتماثلة و لذلك يقع الخلاف و المناقضة على ذوات المتضادة .
تعليق