بسم الله الرحمن الرحيم

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

هذه المقدمة لسيدي
فرد الأولياء وسيد وقته بلا إمتراء
الإمام محمد بن احمد البوزيدي المستغانمي
قدس الله سره الشريف


وقد نقلتها كاملة كما هي ،أولا لبركة كلماتها ولسهولتها الممتنعة فهي لا تحتاج إلى اي زيادات أو حواشي ولا لكثير مقدمات، فيكفي ما فيها من انوار الهداية الساطعة والإشارات النورانية اللامعه واسرار علم المنطق و البلاغة
ما يزول به ران القلوب وتنفتح به اقفالها لمن شاء الله عز وجل
فمن لم يفهم اشارتنا لن ترشده عبارتنا

******

بسم الله الرحمن الرحيم
وصلى الله على قطب الوجود سيدنا محمد
وعلى آله وصحبه وسلم أجمعين


الحمد لله المتفضّل المنّان ، الفاتح لمن شاء من خواص اصفيائه ما شاء من العرفان ، الذي أزاح عن قلوب اوليائه حجب اوهام الأكوان ، فسطعت عليهم انوار البساط ، وأشرقت عليهم شموس العرفان ، وترجمت الالسن بما تجلى للسرائر من الشهود والعيان ، والبس ظواهرهم حلل الآداب والأخلاق الحسان .
والصلاة والسلام على سيدنا محمد نور الأنوار ، وعين الأعيان الذي تفجرت منه ينابيع العلوم واسرار الرحمٰن ، وعلى آله وصحبه اولي البر والإحسان .
وبعد ؛
لما كانت الطرق إلى الله تعالى (خصوصا طريقتنا هذه ) لا تسلك الا بالآداب ، وإلا زلّت قدم السالك ، واسرع اليه العطب ، لكونها صعبة المرام ، عظيمة النفع على الدوام ، والأدب أساس الطريق ، عليه تبنىٰ الأعمال والأحوال ، من كل صادقٍ صدّيق ، رأيت ان اثبت نبذةً من الآداب ، منَّ بها علينا الكريمُ الوهاب ، وسميتها ( الآداب المرضية لسالك الطرق الصوفية ).

وربنا المسؤول في حدوث النفع للإخوان ، انه رؤوفٌ رحيمٌ منّان .

اعلم يا أخي - أرشدني الله وإياك - ان بالأدب تطوى المسافة و يذهب عنك ما في الطريق من المخافة ، والصوفية رضي الله تعالى عنهم لا يعرفون ولا يتميزون الا بالأدب ، إذ الشرائع كلها أدب مع الحقيقة ، ولولا الأدب ما ظهرت أسرارها ، ولا أشرقت أنوارها ، وليس في الوجود الا الحقيقة ،، واليه الإشارة في قوله تعالى(فَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْرًا يَرَهُ *وَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ شَرًّا يَرَهُ ) الزلزلة. وقوله تعالى (إِنْ أَحْسَنتُمْ أَحْسَنتُمْ لِأَنفُسِكُمْ )الاسراء .
وقال عز وجل (إِن يَعْلَمِ اللَّهُ فِي قُلُوبِكُمْ خَيْرًا يُؤْتِكُمْ خَيْرًا مِّمَّا أُخِذَ مِنكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ۗ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَّحِيمٌ) الأنفال. وقوله تعالى (مَّنْ عَمِلَ صَالِحًا فَلِنَفْسِهِ ) فصّلت.

إلى غير ذلك من الآيات الدالة على الأدب مع الجميع ، فضلا مع أوليائه تعالى ، فعلى المريد ان يلزم نفسه الأدب لينال من اسرار القريب المجيب .

وبالأدب الظاهر يحصل أدب الباطن ، أعني التعظيم ، إذ سوء الأدب
ينشأ من عدم التعظيم ، وعدم التعظيم من ضعف المحبة ، وعدم المحبة من التفات القلب إلى الغير ، فلو حصلت المحبة لحصل التعظيم ، ولو حصل التعظيم لحصل الأدب ، ولو حصل الأدب لحصل التحقيق .