الدرس الأول: مقام التوبة (الجزء الثالث)
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
الأخوة الكرام جزاكم الله كل خير على متابعتكم، وأسال الله عز وجل أن يعلمنا ما ينفعنا وينفعنا بما علمنا،إن الله على كل شئ قدير، اللهم آمين.
نستكمل بأمر الله عز وجل حديثنا عن مقام التوبة:
فلتعلموا أيها الأحباب أن التوبة لها ثلاثة مراحل وآخرهم هى أن يتوب العبد إلى الله عز وجل وهو التواب الرحيم.
فالمرحلة الاولى:
هى تشريع التوبة من الله عز وجل
{فَتَلَقَّى آدَمُ مِن رَّبِّهِ كَلِمَاتٍ فَتَابَ عَلَيْهِ إِنَّهُ هُوَ التَّوَّابُ الرَّحِيمُ}
بعد أن خلق الله عز وجل سيدنا آدم وسيدتنا حواء وأسكنهما الجنة، وأمرهما بعدم الاقتراب من الشجرة،فأغواهما الشيطان عنها فأكلا منها وعصيا أمر ربهما، ولعلم الله العليم الحكيم بما كان وبما سيكون فقد علم بأمر وقوعهما فى المعصية فشرع الله سبحانه وتعالى التوبة رحمة بعباده جميعا.
والمرحلة الثانية:
هى أن يتوب الله على العبد، وهذه الآيات تدل على هذا المعنى:
بسم الله الرحمن الرحيم
{ثُمَّ تَابَ عَلَيْهِمْ لِيَتُوبُواْ إِنَّ اللّهَ هُوَ التَّوَّابُ الرَّحِيمُ}
بسم الله الرحمن الرحيم
{إنَّما التَّوبة على الله للَّذين يعملونَ السُّوءَ بجهالةٍ ثمَّ يتوبونَ من قريبٍ فأولئكَ يتوبُ الله عليهِمْ وكان الله عليماً حكيماً(17) وليستِ التَّوبة للَّذين يعملونَ السَّيِّئاتِ حتَّى إذا حَضَرَ أحدَهُمُ الموتُ قال إنِّي تُبْتُ الآن ولا الَّذين يموتون وهمْ كُفَّارٌ أولئكَ أعتدْنا لهمْ عذاباً أليماً}(18)
فإن لم يتب الله عز وجل التواب الرحيم على العبد أولا فلن يتوب العبد إلى الله عز وجل،فالله عز وجل يقول:
بسم الله الرحمن الرحيم
{إِنَّكَ لَا تَهْدِي مَنْ أَحْبَبْتَ وَلَكِنَّ اللَّهَ يَهْدِي مَن يَشَاءُ}
فكان لابد أن تسبق التوبة من الله عز وجل التواب الرحيم إلى العبد لكى يتوب العبد إلى الله سبحانه وتعالى.
والمرحلة الثالثة:
أن يتوب العبد إلى الله عز وجل فيقبل الله توبة العبد ويغفر له ذنوبه.
وهذه الآيات تدل على هذا المعنى
بسم الله الرحمن الرحيم
{الَّذِينَ تَابُوا وَأَصْلَحُوا وَبَيَّنُوا فَأُولَئِكَ أَتُوبُ عَلَيْهِمْ وَأَنَا التَّوَّابُ الرَّحِيمُ}
بسم الله الرحمن الرحيم
{وَإِذَا جَاءَكَ الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِآَيَاتِنَا فَقُلْ سَلَامٌ عَلَيْكُمْ كَتَبَ رَبُّكُمْ عَلَى نَفْسِهِ الرَّحْمَةَ أَنَّهُ مَنْ عَمِلَ مِنْكُمْ سُوءًا بِجَهَالَةٍ ثُمَّ تَابَ مِنْ بَعْدِهِ وَأَصْلَحَ فَأَنَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ}
بسم الله الرحمن الرحيم
{وآخرون اعتَرَفُوا بذُنُوبِهِم خَلَطوا عملاً صالحاً وآخرَ سيِّئاً عسى الله أن يتوبَ عليهم إنَّ الله غفورٌ رحيم
(102) خُذْ من أموالِهِمْ صدقةً تُطهِّرُهُمْ وتُزكِّيهِمْ بها وَصَلِّ عليهِمْ إنَّ صلاتَكَ سكنٌ لهم والله سميعٌ عليم(103)
ألم يعلموا أنَّ الله هو يَقْبَلُ التَّوبة عن عبادِهِ ويأخُذُ الصَّدَقَاتِ وأنَّ الله هو التَّوَّابُ الرَّحيمُ}(104)
وهذه بشائر للتائبين من الله عز وجل
أولها: أن الله سبحانه وتعالى فتح باب التَّوبة على مصراعيه أمام عباده، فقد روى مسلم والنسائي عن أبي موسى الأشعري رضي الله عنهم أن رسول الله صل الله عليه و سلم قال:
إن الله يبسط يده بالليل ليتوب مسيء النهار، ويبسط يده بالنهار ليتوب مسيء الليل حتَّى تطلع الشمس من مغربها. فباب التوبة مفتوح أمام جميع العباد مهما كان نوع الذنوب التى وقعت فيها ومهما كانت كثيرة، فإن الله عز وجل رحمته أكبر وأوسع.
بسم الله الرحمن الرحيم
{قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنفُسِهِمْ لَا تَقْنَطُوا مِن رَّحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعاً إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ}
بسم الله الرحمن الرحيم
{إِنَّ اللَّهَ لَا يَغْفِرُ أَن يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَٰلِكَ لِمَن يَشَاءُ ۚ وَمَن يُشْرِكْ بِاللَّهِ فَقَدِ افْتَرَىٰ إِثْمًا عَظِيمًا}
ففى الحديث النبوى يقول النبى صل الله عليه وسلم:
التَّائِبُ مِنْ الذَّنْبِ كَمَنْ لَا ذَنْبَ لَهُ
وهذه كلها بشائر للتائبين فأقبِلوا على الله عز وجل أيها الأحباب وتوبوا إليه واستغفروه من كل ذنب وخطيئة ليتوب عليكم ويغفر لكم ما تقدم من ذنوبكم ويجيركم من حساب يوم عظيم ومن العذاب الأليم. إن الله على كل شئ قدير، اللهم آمين.
تعليق