إعـــــــلان

تقليص
لا يوجد إعلان حتى الآن.

الحوار .. ادابه واصوله

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • الحوار .. ادابه واصوله

    الحوار

    في القرآن الكريم والسنة النبوية







    بسم الله الرحمن الرحيم

    الحمد لله رب العالمين
    اللهم صل على سيدنا محمد وعلى اله وسلم

    السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

    الحوار لغة أصله من الحور وهو الرجوع عن الشيء وإلى الشيء
    وهم يتحاورون أي يتراجعون الكلام
    والمحاورة مراجعة المنطق والكلام في المخاطبة
    والمحاورة والحوار.. المراددة في الكلام ومنه التحاور



    تعريف الحوار اصطلاحاً:

    مراجعة الكلام وتداوله بين طرفين، وعرفه بعضهم بأنه نوع في الحديث بين شخصين، أو فريقين يتم فيه تداول الكلام بينهما بطريقة متكافئة، فلا يستأثر أحدهما دون الآخر ويغلب عليه الهدوء والبعد عن الخصومة والتعصب، وهو ضرب من الأدب الرفيع وأسلوب من أساليبه



    والفرق بين الحوار والجدال هو أن الجدال شدة في الكلام
    مع التمسك بالرأي والتعصب له
    وأما الحوار فهو مجرد مراجعة الكلام بين الطرفين دون وجود خصومة بالضرورة
    بل الغالب عليه الهدوء
    والبعد عن التعصب
    وفرق بين الحوار والمناظرة
    بأن المناظرة أدل على النظر والتفكر
    والحوار أدل على مراجعة الكلام وتداوله
    عني القرآن الكريم عناية بالغة بالحوار
    فالحوار هو الطريق الأمثل للإقناع الذي ينبع من أعماق صاحبه
    وقدم لنا القرآن الكريم نماذج كثيرة من الحوار
    منها ما دار بين سيدنا إبراهيم عليه الصلاة والسلام وبين الرجل الذي آتاه الله الملك
    وقصة سيدنا موسى عليه السلام
    حيث طلب من الله تعالى أن يسمح له برؤيته
    وقصة سيدنا عيسى عليه السلام، إذ سأله الله تعالى عما إذا كان طلب من الناس أن يتخذوه وأمه إلهين من دون الله تعالى
    وقصة أصحاب الجنتين
    وقصة قارون مع قومه
    وقصة سيدنا داود عليه السلام
    مع الخصمين
    وقصة سيدنا نوح عليه السلام مع قومه
    وقصة ابني آدم
    وقصة سيدنا موسى عليه السلام مع العبد الصالح

    ومن اطلع على هذه النماذج وغيرها يتأكد له أن القرآن الكريم يعتمد اعتماداً كبيراً على أسلوب الحوار في توضيح المواقف
    وجلاء الحقائق
    وهداية العقل وتحريك الوجدان
    والتدرج بالحجة احتراماً لكرامة الإنسان وإعلاء لشأن عقله الذي ينبغي أن يقتنع على بينة ونور

    والمتأمل لسيرة سيدنا رسول الله صل الله عليه وسلم بإنصاف يُدركُ أنَّه صلى الله عليه وسلم
    هو رسول الله حقًّا وصدقًا لأنه
    لا يُمكن لإنسان أن يجمع في حياته وسلوكياته خلاصة الفضائل الإنسانية
    وقمَة الوسائل البشرية في التعامل مع الناس
    إلاَّ أن يكون نبيًّا معصومًا
    يُوحَى إليه
    وكل متخصص وخبير في مجاله يستطيع أن ينهل من معين حياة رسول الله صلى الله عليه وسلم
    فالداعية المصلح سيجد بُغيته
    والسياسي سيتعلَّم دروسًا بليغة
    والقائد العسكري سينال مطلبه
    والطبيب النفسي سيتعلَّم من رسول الله صلى الله عليه وسلم
    وكيف لا ؟ وقد قال الله عز وجل: لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِمَنْ كَانَ يَرْجُو اللهَ وَالْيَوْمَ الآخِرَ

    وكذلك كان الرسول صلى الله عليه وسلم أفضل مَنِ استخدم الحوار على الإطلاق
    فهو صلى الله عليه وسلم يعلم وظيفة الحوار وفوائده وأساليبه، وآدابه، وفنونه، وقد مارسها صلى الله عليه وسلم على أحسن ما يكون طوال حياته مع المسلم والكافر، مع الرجل والمرأة، مع الشيخ والطفل على حدٍّ سواء
    وقد كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يستخدم الحوار كوسيلة للتواصل والتراحم مع الآخرين
    ونجد في سيرته صلى الله عليه وسلم نماذج كثيرة متنوعة للحوار وردت في أشكال شتى لتقدم لنا الدروس التي يحسن بنا الانتفاع بها
    منها:

    1. روى أبو أمامة أن غلاماً شاباً أتى النبي - صلى الله عليه وسلم - فقال له يا نبي الله أتأذن لي في الزنا؟ فصاح الناس به، فقال النبي - صلى الله عليه وسلم - قربوه، ادن، فدنا حتى جلس بين يديه، فقال النبي - صلى الله عليه وسلم -: أتحبه لأمك؟ قال: لا! جعلني الله فداك، قال كذلك الناس لا يحبونه لأمهاتهم. أتحبه لابنتك؟ قال: لا! جعلني الله فداك، قال: كذلك الناس لا يحبونه لبناتهم، أتحبه لأختك؟ قال: لا! جعلني الله فداك، قال: كذلك الناس لا يحبونه لأخواتهم، فوضع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يده على صدره وقال: اللهم طهر قلبه، واغفر ذنبه، وحصن فرجه، فلم يكن شيء أبغض إليه من الزنا.

    2. وجاء يهودي إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - يختبر صدقه في الدعوة وقد ابتاع النبي منه تمراً إلى أجل، فطالبه اليهودي قبل حلول الأجل مغلظاً له في القول وسط القوم، فكان قوله:
    إنكم يا بني عبدالمطلب قوم مطل، فهم به عمر فمنعه سيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم - وقال له يا عمر: أنا وهو كنا أحوج منك إلى غير هذا، أن تأمرني بحسن الأداء، وتأمره بحسن الاقتضاء، ثم أمر بإعطائه حقه وزيادة عشرين صاعاً في مقابل ترويع عمر له، فلم يسع اليهودي إلا إعلان إسلامه

    3. وأتى رجل أنكر ولده إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقال يا رسول الله! إن امرأتي ولدت غلاماً أسود، فقال له سيدنا رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: هل لك في إبل؟ قال: نعم، قال: ما لونها؟ قال: حمر، قال: فيها من أورق؟ قال: نعم، قال: أين ذلك؟ قال: لعل عرقاً نزعه، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: وهذا الغلام لعل عرقاً نزعه.

    ومن اصول الحوار أن يراد بالحوار وجه الله تعالى، أي إظهار الحق والوصول إليه، وهذه الرغبة يجب أن تكون موجودة عند الطرفين لا أن تكون الغاية مجرد الغلبة والظهور.
    والمقصود في ذلك أن يكون الحوار بريئاً من التعصب
    خالصاً لطلب الحق
    خالياً من العنف والانفعال
    بعيداً عما يفسد القلوب ويهيج النفوس

    وان يكون بالعلم
    فلابد للمحاور أن يكون عالماً بالمسألة التي يريد أن يحاور فيها
    فلا يجوز للإنسان أن يدخل ساحة الحوار قبل أن يستكمل أدواته العلمية والعقلية
    فموضوع الحوار والعلم بتفاصيله
    والتسلح بالحجج والبراهين المؤيدة له سلاح فعال في يد المحاور الناجح
    يمكنه من الوقوف على أرض ثابتة، وليس رمال متحركة

    وأن يكون هناك تكافؤ بين المتحاورين
    أي أن يكونا متقاربين من الناحية العلمية والثقافية
    وفي العقل والفهم
    وإلا فإن الغلبة ستكون للجاهل
    وفي ذلك يقول الإمام الشافعي: (ما ناظرت عالماً إلا غلبته، وما ناظرني جاهلاً الا غلبني)

    وتحديد موضوع الحوار ونقطة الاختلاف
    فقد يختلف المتحاوران في مسائل عديدة
    وليس على مسألة واحدة
    ثم يحدث الحوار في مسألة أخرى
    بدون أن يتفق على المسألة الأولى
    فيتشعب الحوار ويطول في أمور فرعية بعيدة عن موضوع المحاورة
    ولهذا يكون الحوار عائماً لا زمام له، وجدالا سائباً لا ينتهي إلى نتيجة

    ومن اصول الحوار قطعية النتائج ونسبيتها
    فمن المهم أن نعرف في هذا الأصل إدراك أن الرأي الفكري نسبي الدلالة على الصواب أو الخطأ
    وما عدا ذلك فيندرج تحت المقولة المشهورة :
    رأيي صواب يحتمل الخطأ
    ورأي غيري خطأ يحتمل الصواب
    وبناءً عليه فليس شرط التحاور الناجح أن ينتهي أحد الطرفين إلى قول الآخر
    فإن تحقق هذا واتفقا على رأي فنعم المقصود
    وهو منتهى الغاية
    وإن لم يكن فالحوار ناجح


    ولقد اهتم الإسلام بالحوار اهتماماً كبيراً، وذلك لأن الإسلام يرى بأن الطبيعة الإنسانية ميالة بطبعها وفطرتها إلى الحوار، ويدعو الإسلام إلى الالتزام بالآداب المرعية على من يريد المشاركة في أي حوار
    لينجح بحول الله تعالى في تحقيق الأهداف المطلوبة
    ومن آداب الحوار:

    1. المحاورة بالحسنى، فإن من أهم ما يتوجه إليه المحاور في حواره التزام الحسنى في القول، والمجادلة، ففي محكم التنزيل يقول تعالى: ﴿ وَقُل لِعِبَادِي يَقُولُواْ الَّتِي هِيَ أَحْسَنُ ﴾

    2. الادب والتواضع بالقول والفعل وهذا من اهم اسباب نجاح الحوار

    3. حسن الاستماع..فإن كثيراً من الناس يخفقون في ترك أثر طيب في نفوس من يقابلونهم لأول مرة، لأنهم لا يصغون إليهم باهتمام، إنهم يحصرون همهم فيما سيقولونه لمستمعهم، فإن تكلم المستمع لم يلقوا له بالاً، علماً بأن أكثر الناس يفضلون المستمع الجيد على المتكلم الجيد

    4. العدل والإنصاف .. حيث يجب على المحاور أن يكون منصفاً،
    فلا يهدر حقاً، بل عليه أن يبدي إعجابه بالأفكار الصحيحة والأدلة الجيدة والمعلومات الجديدة التي يوردها محاوره، وهذا الإنصاف له أثر عظيم في قبول الحق، كما تضفي على المحاور روح الموضوعية
    فالتعصب وعدم قبول الحق من الصفات الذميمة في كتاب الله، فإن الله أمرنا بالإنصاف حتى مع الأعداء فقال تعالى: ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ كُونُواْ قَوَّامِينَ لِلّهِ شُهَدَاء بِالْقِسْطِ وَلاَ يَجْرِمَنَّكُمْ شَنَآنُ قَوْمٍ عَلَى أَلاَّ تَعْدِلُواْ اعْدِلُواْ هُوَ أَقْرَبُ لِلتَّقْوَى وَاتَّقُواْ اللّهَ إِنَّ اللّهَ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ ﴾
    5. الحلم والصبر، فالمحاور يجب أن يكون حليماً صبوراً، فلا يغضب لأتفه سبب، فإن ذلك يؤدي إلى النفرة منه، والابتعاد عنه، والغضب لا يوصل إلى إقناع الخصم وهدايته، وإنما يكون ذلك بالحلم والصبر
    والحلم من صفات المؤمنين كما قال تعالى: وَالْكَاظِمِينَ الْغَيْظَ وَالْعَافِينَ عَنِ النَّاسِ وَاللّهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ


    6. الحوار الإيجابي الصحي هو الحوار الموضوعي الذي يرى الحسنات والسلبيات في ذات الوقت، ويرى العقبات ويرى أيضًا إمكانيات التغلب عليها، وهو حوار صادق عميق وواضح الكلمات ومدلولاتها وهو الحوار المتكافئ الذي يعطى لكلا الطرفين فرصة التعبير والإبداع الحقيقي ويحترم الرأي الآخر ويعرف حتمية الخلاف في الرأي بين البشر وآداب الخلاف وتقبله

    وآخر دعوانا
    ان الحمد لله رب العالمين
    وصل
    اللهم على سيدنا محمد
    وعلى آله وسلم





    ❤❤❤❤❤
    اللهم صل على سيدنا محمد
    وعلى اله وسلم
    ❤❤❤
يعمل...
X