بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته
في إطار مجهودات الإدارة لاسترجاع المواضيع السابقة التي سبق أن نشرت في منتدانا السابق (منتدى الأنوار الشاذلية)،
هذا موضوع كتب من طرف الأخ عبد الفتاح درويش
abdelfatah droesh 14/08/2016
⁂☀
وقد ادعى بعض المشككين في الصوفية أيضاً:
أن التصوف يدعو إلى الضعف والذلة، والزهد في الحياة، وأن أصحابه قوم انطوائيون يكرهون الحياة ويحبون الجمود، ويباركون الخمول، ويعيشون على التسول والشعوذة، واستغلال الضعفاء والسذّج. ⁂
والتصوف ولله الحمد : .... في غنى عن الرد على هذه الافتراءات، فإنه دعوة قامت على الحق ، تدعو إلى الحق، وهو برئ من هذه الاتهامات التي وُصم بها، لأنه في جوهره لايدعو إلا إلى القوة، وهو يكره الخمول... ويبعث النشاط في المريدين. ☀
وأي نشاط أروع من الدعوة إلى عدم تضييع الوقت، وإحيائه بمختلف العبادات والفضائل، باعتبار أن الوقت سيف إن لم تقطعه قطعك! ⁂.
وقد بلغ من فقه الصوفية أنهم جعلوا العمل للدنيا من الدين، لأنه من شيمة الأنبياء والمرسلين ،
ولذلك لم يقروا أن يعيش الصوفي عالة على غيره، فكانوا يعملون ويكسبون رزقهم، وفي الوقت ذاته لا يصرفهم ذلك عن طاعة الله وعبادته.
فالكسب عندهم فضيلة تحرر الانسان من ذلّ المسألة :......
ويعني الكسب أن الصوفي مشتغلٌ بشتى الحرف، والتجارات، وغير ذلك مما أباحته الشريعة على تيقظ أو تثبت بعيداً عن الشبهات،
وقد تمسكوا بهذه المعاني وعاشوا من كدّ أيديهم. ⁂
ومما يدل على عناية الصوفية بالعمل وإقبالهم عليه :
هذه الألقاب المصاحبة لأسمائهم والتي اقترنت بشخصياتهم فأصبحت علامة مميزة وسمة غالبة ولايكادون يُعرفون إلا بها، ومن هذه الألقاب لمشاهير الصوفية: .. النسّاج، والزجاجي، والصيرفي، والقصَّار، والجلاء، والورَّاق، والخرَّاز، والخوَّاص، والحمَّال والحلاج. ☀
وقد كان الذي يدفعهم لهذه الأعمال اليدوية شيئان: تورعهم عن الشبهات المصاحبة للعمل مع الولاة والسلاطين، ورغبتهم في العيش في حرية أنفسهم لأنهم لا يريدون أن يكون عليهم سلطاناً لغير الله عز وجل. ⁂
بل إن الصوفية يربون الفرد على أن عمله عبادة، وعلمه عبادة، وقوته في سبيل الله عبادة، يقول الكلاباذي في كتابه ((التعرف على مذهب أهل التصوف)).
في صدر الحديث عن الصناعات والحرف لدى الصوفية: ☀
((ويشتغل العبد بها على حسب ما يشتغل في إتيان ما ندب إليه من النوافل لا على أنها تجلب إليه الأرزاق وتجر المنافع فحسب))
ويقول أيضاً: ((سبيل المكاسب عند الجنيد سبيل الأعمال المقربة إلى الله عز وجل)).
ولذلك نرى مشايخ الصوفية يحضون مريدهم على العمل، فهذا إبراهيم بن أدهم يقول لمريديه: عليكم بعمل الأبطال: الكسب من الحلال والنفقة على العيال. ⁂
والإمام عبد الوهاب الشعراني ينصح أتباعه من الصناع بقوله: ☀
الاجتهاد في العمل وإتقانه يقوم مقام النوافل والتطوع للعبادة،
وكان يقول للنجار: لتكن مسبحتك منشارك، وللزارع لتكن خلوتك حقلك، وللتاجر لتكن عبادتك أمانتك.
والدسوقي رضي الله عنه يقول لأتباعه: ⁂
من لم يكسب قوته من عمله فليس منَّا ولو كان غنياً، والرفاعي يقول لمريديه:
تميزوا على الناس بحلية التصوف، وحلية التصوف أن تغني نفسك وأهلك قبل وردك وذكرك. ☀
وقد قال في ذلك الأستاذ عبد الحفيظ فرغلي قرني في كتابه (التصوف والحياة العصرية) صـ 49: ⁂
((ولاشك أن للأخلاق العالية التي تحلى بها الصوفية أثرها في العمل والإنتاج، وفي العلاقة التي تربط بين الناس والتعامل فيما بينهم، فالتصوف بأخلاقه العالية يدفع إلى الإخلاص والجد والدأب، وينفر من الكسل والخمول وإضاعة الوقت، ويدعو إلى إنكار الذات والتواضع، وحب الغير وخدمة المجموع، ويكره الحقد والحسد، والتشاحن والانتقام للنفس، ويحب التسامح ويحض عليه، ويبغض الشح وينقم عليه، إلى غير ذلك من الفضائل الكريمة التي وسعها التصوف، وتحقق بها أتباعه ومريدوه وسالكو طرقه، فأحبهم الناس ومالوا إليهم ولاشك)) انتهى. ⁂
ومن هذا يفهم أن الصوفية يأنفون تماماً من أن يكون أحد الأدعياء بين صفوفهم يتخذ من التكفف وسيلة لحياته، أما حالة التجرد التي نراها عند قلة من الصوفية، فهي أحوال فردية خاصة لايقاس عليها، ولم يندبوا أحدهم إلى التخلق بها. ☀
حتى أن ابن عطاء الله السكندري صاحب الحكم ، حدّثته نفسه أن يتجرد ويترك الأسباب، فمنعه شيخه سيدي أبي العباس المرسي من ذلك قائلاً له: ⁂
صحبني إنسان مشتغل بالعلوم الظاهرة، ومتصدر فيها، فذاق من هذه الطريق شيئاً فجاء إلي فقال:يا سيدي، أخرج مما أنا فيه وأتجرد لصحبتك، فقلت له: ليس الشأن ذا ولكن امكث فيما أنت فيه خير وما قسم الله لك على أيدينا فهو إليك واصل ((التنوير في إسقاط التدبير لابن عطاء الله)). ☀
ولذلك قال ابن عطاء الله في حكمه:
((إرادتك التجريد مع إقامة الله إياك في الأسباب من الشهوة الخفية))
وقال أيضاً في بيان قيمة استغلال الوقت :
⁂
(( إحالتك الأعمال إلى وقت الفراغ من رعونات النفس )). ⁂
ويكفي للتدليل على سمو شأن الصوفية، وكمال حالهم ما ورد عن الإمام الحسن البصري أنه قال:
((رأيت صوفياً في الطواف فأعطيته شيئاً ، فلم يأخذه، وقال معي أربعة دوانيق فيكفيني ما معي)).
وكذلك ما روي أن ابراهيم بن أدهم حين تقابل مع شقيق البلخي سأله عن سبب سلوكه للطريق، فقال: ☀
رأيت قنبرة عمياء على شجرة ونسراً يناولها الطعام في فمها، فإذا شبعت ملأ فمه ماءاً وسقاها، فقلت في نفسي: أأعجز أن أكون مثل هذه القنبرة فسلكت طريق القوم على التوكل، فقال ابراهيم بن أدهم رضي الله عنه: ولم رضيت لنفسك أن تكون كالقنبرة العمياء ولم تجعلها نسراً !))
أما سمعت قول رسول الله صلى الله عليه وسلم: ⁂((اليد العليا خيرٌ من اليد السفلى)). ⁂
ولم يكتف الصوفية بالعمل فقط....بل ضربوا للناس المثل الأعظم على شدة ورعهم وحسن تعهدهم لأعمالهم عند قيامهم بها وفي ذلك يقول الدكتور حسين سيد عبد الله مراد في كتابه (المتصوفة في المغرب الأقصى) صـ 99:
((وجدير بالذكر أن هؤلاء المتصوفة كانوا يحثون الرعاة ومن يملك الدواب ألا يجعلوا هذه الدواب ترعى في أرض الغير لأن ذلك مخالفاً للشرع، ولم يكتفوا بالنصح والإرشاد، بل ضربوا المثل، والقدوة الطيبة لأفراد مجتمعهم. ☀
فمن المتصوفة من كانت له أبقار إذا حملها من داره لترعى، جعل على فمها كمامة لئلا ترعى في أرض أحد، فإذا وصل إلى أرضه أزال الكمامة عن فمها، وجعلها ترعى في أرضه، فإذا أراد أن يعود إلى داره أعاد الكمامة وساقها إلى داره)) انتهى. ⁂
وهذا إبراهيم بن أدهم رضي الله عنه يعمل حارساً لبستان ببلاد الشام :
ويأتيه صاحب البستان ومعه ضيفان، فيطلب منه إحضار رمانة، فيحضرها وعند تناولها يجد طعمها مُذّا، فيطلب منه إحضار أخرى وعند تناولها يجدها كذلك، فيطلب ثالثة فيجدها على نفس الطعم. ☀
فيتسائل غاضباً.!!. أتحرس البستان، ولا تعرف الحلو من المذ؟ ، فقال: يا سيدي اشترطت عليّ حراسة البستان، ولم تأذن لي في الأكل منه، فلم أتناول شيئاً منه قط.
وهكذا نجد لدى أئمة الصوفية الحرص الزائد على العمل وضرورته والحثَّ عليه، يقول الإمام أبو الحسن الشاذلي رضي الله عنه:
(( من لا عمل له فلا يأتينا فمن لا خير فيه للدنيا، لا خير فيه للآخرة)).
ويقول سيدي أحمد البدوي رضي الله عنه:
(( اكسب خبزاً ثم اعبد ربك.)) ⁂
وكان القطب الدسوقي يقول:
(( من لم يعمل بيده في سبيل عيشه فليس من أبنائي.)) ⁂
وقال العلامة الهروي:
☀ (( كونوا سادة في دنياكم بعملكم حتى لا تمتهن الطريق.)) ☀
وأما بنان الحمَّال فقال:
(( الإعراض عن الأسباب جملة يؤدي إلى ركوب الباطل.))
ومن هنا نعلم أن الصوفية الحقيقيين أوجبوا على الصوفي أن يكون له عمل يتكسب منه ويقتات، كما عملوا على إحياء الكرامة الإنسانية، فمنعوا التسول، ولم يبيحوا ترك الاكتساب، لأنه لا يجوز للصوفي أن يكون عالة على أحد.
⁂☀همسة صوفية للشيخ فوزى محمد ابو زيد⁂☀
☀من كتاب المنهج الصوفى والحياه المعاصرة ☀
????لتحميل الكتاب مجانا اضغط على هذا الرابط ????
السلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته
في إطار مجهودات الإدارة لاسترجاع المواضيع السابقة التي سبق أن نشرت في منتدانا السابق (منتدى الأنوار الشاذلية)،
هذا موضوع كتب من طرف الأخ عبد الفتاح درويش
abdelfatah droesh 14/08/2016
⁂☀
وقد ادعى بعض المشككين في الصوفية أيضاً:
أن التصوف يدعو إلى الضعف والذلة، والزهد في الحياة، وأن أصحابه قوم انطوائيون يكرهون الحياة ويحبون الجمود، ويباركون الخمول، ويعيشون على التسول والشعوذة، واستغلال الضعفاء والسذّج. ⁂
والتصوف ولله الحمد : .... في غنى عن الرد على هذه الافتراءات، فإنه دعوة قامت على الحق ، تدعو إلى الحق، وهو برئ من هذه الاتهامات التي وُصم بها، لأنه في جوهره لايدعو إلا إلى القوة، وهو يكره الخمول... ويبعث النشاط في المريدين. ☀
وأي نشاط أروع من الدعوة إلى عدم تضييع الوقت، وإحيائه بمختلف العبادات والفضائل، باعتبار أن الوقت سيف إن لم تقطعه قطعك! ⁂.
وقد بلغ من فقه الصوفية أنهم جعلوا العمل للدنيا من الدين، لأنه من شيمة الأنبياء والمرسلين ،
ولذلك لم يقروا أن يعيش الصوفي عالة على غيره، فكانوا يعملون ويكسبون رزقهم، وفي الوقت ذاته لا يصرفهم ذلك عن طاعة الله وعبادته.
فالكسب عندهم فضيلة تحرر الانسان من ذلّ المسألة :......
ويعني الكسب أن الصوفي مشتغلٌ بشتى الحرف، والتجارات، وغير ذلك مما أباحته الشريعة على تيقظ أو تثبت بعيداً عن الشبهات،
وقد تمسكوا بهذه المعاني وعاشوا من كدّ أيديهم. ⁂
ومما يدل على عناية الصوفية بالعمل وإقبالهم عليه :
هذه الألقاب المصاحبة لأسمائهم والتي اقترنت بشخصياتهم فأصبحت علامة مميزة وسمة غالبة ولايكادون يُعرفون إلا بها، ومن هذه الألقاب لمشاهير الصوفية: .. النسّاج، والزجاجي، والصيرفي، والقصَّار، والجلاء، والورَّاق، والخرَّاز، والخوَّاص، والحمَّال والحلاج. ☀
وقد كان الذي يدفعهم لهذه الأعمال اليدوية شيئان: تورعهم عن الشبهات المصاحبة للعمل مع الولاة والسلاطين، ورغبتهم في العيش في حرية أنفسهم لأنهم لا يريدون أن يكون عليهم سلطاناً لغير الله عز وجل. ⁂
بل إن الصوفية يربون الفرد على أن عمله عبادة، وعلمه عبادة، وقوته في سبيل الله عبادة، يقول الكلاباذي في كتابه ((التعرف على مذهب أهل التصوف)).
في صدر الحديث عن الصناعات والحرف لدى الصوفية: ☀
((ويشتغل العبد بها على حسب ما يشتغل في إتيان ما ندب إليه من النوافل لا على أنها تجلب إليه الأرزاق وتجر المنافع فحسب))
ويقول أيضاً: ((سبيل المكاسب عند الجنيد سبيل الأعمال المقربة إلى الله عز وجل)).
ولذلك نرى مشايخ الصوفية يحضون مريدهم على العمل، فهذا إبراهيم بن أدهم يقول لمريديه: عليكم بعمل الأبطال: الكسب من الحلال والنفقة على العيال. ⁂
والإمام عبد الوهاب الشعراني ينصح أتباعه من الصناع بقوله: ☀
الاجتهاد في العمل وإتقانه يقوم مقام النوافل والتطوع للعبادة،
وكان يقول للنجار: لتكن مسبحتك منشارك، وللزارع لتكن خلوتك حقلك، وللتاجر لتكن عبادتك أمانتك.
والدسوقي رضي الله عنه يقول لأتباعه: ⁂
من لم يكسب قوته من عمله فليس منَّا ولو كان غنياً، والرفاعي يقول لمريديه:
تميزوا على الناس بحلية التصوف، وحلية التصوف أن تغني نفسك وأهلك قبل وردك وذكرك. ☀
وقد قال في ذلك الأستاذ عبد الحفيظ فرغلي قرني في كتابه (التصوف والحياة العصرية) صـ 49: ⁂
((ولاشك أن للأخلاق العالية التي تحلى بها الصوفية أثرها في العمل والإنتاج، وفي العلاقة التي تربط بين الناس والتعامل فيما بينهم، فالتصوف بأخلاقه العالية يدفع إلى الإخلاص والجد والدأب، وينفر من الكسل والخمول وإضاعة الوقت، ويدعو إلى إنكار الذات والتواضع، وحب الغير وخدمة المجموع، ويكره الحقد والحسد، والتشاحن والانتقام للنفس، ويحب التسامح ويحض عليه، ويبغض الشح وينقم عليه، إلى غير ذلك من الفضائل الكريمة التي وسعها التصوف، وتحقق بها أتباعه ومريدوه وسالكو طرقه، فأحبهم الناس ومالوا إليهم ولاشك)) انتهى. ⁂
ومن هذا يفهم أن الصوفية يأنفون تماماً من أن يكون أحد الأدعياء بين صفوفهم يتخذ من التكفف وسيلة لحياته، أما حالة التجرد التي نراها عند قلة من الصوفية، فهي أحوال فردية خاصة لايقاس عليها، ولم يندبوا أحدهم إلى التخلق بها. ☀
حتى أن ابن عطاء الله السكندري صاحب الحكم ، حدّثته نفسه أن يتجرد ويترك الأسباب، فمنعه شيخه سيدي أبي العباس المرسي من ذلك قائلاً له: ⁂
صحبني إنسان مشتغل بالعلوم الظاهرة، ومتصدر فيها، فذاق من هذه الطريق شيئاً فجاء إلي فقال:يا سيدي، أخرج مما أنا فيه وأتجرد لصحبتك، فقلت له: ليس الشأن ذا ولكن امكث فيما أنت فيه خير وما قسم الله لك على أيدينا فهو إليك واصل ((التنوير في إسقاط التدبير لابن عطاء الله)). ☀
ولذلك قال ابن عطاء الله في حكمه:
((إرادتك التجريد مع إقامة الله إياك في الأسباب من الشهوة الخفية))
وقال أيضاً في بيان قيمة استغلال الوقت :
⁂
(( إحالتك الأعمال إلى وقت الفراغ من رعونات النفس )). ⁂
ويكفي للتدليل على سمو شأن الصوفية، وكمال حالهم ما ورد عن الإمام الحسن البصري أنه قال:
((رأيت صوفياً في الطواف فأعطيته شيئاً ، فلم يأخذه، وقال معي أربعة دوانيق فيكفيني ما معي)).
وكذلك ما روي أن ابراهيم بن أدهم حين تقابل مع شقيق البلخي سأله عن سبب سلوكه للطريق، فقال: ☀
رأيت قنبرة عمياء على شجرة ونسراً يناولها الطعام في فمها، فإذا شبعت ملأ فمه ماءاً وسقاها، فقلت في نفسي: أأعجز أن أكون مثل هذه القنبرة فسلكت طريق القوم على التوكل، فقال ابراهيم بن أدهم رضي الله عنه: ولم رضيت لنفسك أن تكون كالقنبرة العمياء ولم تجعلها نسراً !))
أما سمعت قول رسول الله صلى الله عليه وسلم: ⁂((اليد العليا خيرٌ من اليد السفلى)). ⁂
ولم يكتف الصوفية بالعمل فقط....بل ضربوا للناس المثل الأعظم على شدة ورعهم وحسن تعهدهم لأعمالهم عند قيامهم بها وفي ذلك يقول الدكتور حسين سيد عبد الله مراد في كتابه (المتصوفة في المغرب الأقصى) صـ 99:
((وجدير بالذكر أن هؤلاء المتصوفة كانوا يحثون الرعاة ومن يملك الدواب ألا يجعلوا هذه الدواب ترعى في أرض الغير لأن ذلك مخالفاً للشرع، ولم يكتفوا بالنصح والإرشاد، بل ضربوا المثل، والقدوة الطيبة لأفراد مجتمعهم. ☀
فمن المتصوفة من كانت له أبقار إذا حملها من داره لترعى، جعل على فمها كمامة لئلا ترعى في أرض أحد، فإذا وصل إلى أرضه أزال الكمامة عن فمها، وجعلها ترعى في أرضه، فإذا أراد أن يعود إلى داره أعاد الكمامة وساقها إلى داره)) انتهى. ⁂
وهذا إبراهيم بن أدهم رضي الله عنه يعمل حارساً لبستان ببلاد الشام :
ويأتيه صاحب البستان ومعه ضيفان، فيطلب منه إحضار رمانة، فيحضرها وعند تناولها يجد طعمها مُذّا، فيطلب منه إحضار أخرى وعند تناولها يجدها كذلك، فيطلب ثالثة فيجدها على نفس الطعم. ☀
فيتسائل غاضباً.!!. أتحرس البستان، ولا تعرف الحلو من المذ؟ ، فقال: يا سيدي اشترطت عليّ حراسة البستان، ولم تأذن لي في الأكل منه، فلم أتناول شيئاً منه قط.
وهكذا نجد لدى أئمة الصوفية الحرص الزائد على العمل وضرورته والحثَّ عليه، يقول الإمام أبو الحسن الشاذلي رضي الله عنه:
(( من لا عمل له فلا يأتينا فمن لا خير فيه للدنيا، لا خير فيه للآخرة)).
ويقول سيدي أحمد البدوي رضي الله عنه:
(( اكسب خبزاً ثم اعبد ربك.)) ⁂
وكان القطب الدسوقي يقول:
(( من لم يعمل بيده في سبيل عيشه فليس من أبنائي.)) ⁂
وقال العلامة الهروي:
☀ (( كونوا سادة في دنياكم بعملكم حتى لا تمتهن الطريق.)) ☀
وأما بنان الحمَّال فقال:
(( الإعراض عن الأسباب جملة يؤدي إلى ركوب الباطل.))
ومن هنا نعلم أن الصوفية الحقيقيين أوجبوا على الصوفي أن يكون له عمل يتكسب منه ويقتات، كما عملوا على إحياء الكرامة الإنسانية، فمنعوا التسول، ولم يبيحوا ترك الاكتساب، لأنه لا يجوز للصوفي أن يكون عالة على أحد.
⁂☀همسة صوفية للشيخ فوزى محمد ابو زيد⁂☀
☀من كتاب المنهج الصوفى والحياه المعاصرة ☀
????لتحميل الكتاب مجانا اضغط على هذا الرابط ????
تعليق