إعـــــــلان

تقليص
لا يوجد إعلان حتى الآن.

أفضل مراتب العلم من كتاب قلادة الزبرجد | أحمد العيسى

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • أفضل مراتب العلم من كتاب قلادة الزبرجد | أحمد العيسى

    بسم الله الرحمن الرحيم


    السلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته


    في إطار مجهودات الإدارة لاسترجاع المواضيع السابقة التي سبق أن نشرت في منتدانا السابق (منتدى الأنوار الشاذلية)،


    هذا موضوع كتب من طرف السيد أحمد العيسى




    أفضل مراتب العلم

    وقد عدّ الناس مراتب العلم وأهله وأحسنها منزلة وأشرفها مرتبة العلم الدال على الله الموضح لشريعة رسول الله صلى الله عليه وسلم ،
    وأشرف مراتب العلماء مرتبة التخلق بخلقه عليه الصلاة والسلام بإتقان العلم بالعمل إتباعاً لا ابتداعاً قال تعالى:

    {فَلْيَحْذَرِ الَّذِينَ يُخَالِفُونَ عَنْ أَمْرِهِ أَن تُصِيبَهُمْ فِتْنَةٌ أَوْ يُصِيبَهُمْ عَذَابٌ أَلِيم}النور63.
    وقال تعالى: (ومن يشاقق الرسول من بعد ما تبين له الهدى ويتبع غير سبيل المؤمنين نوله ما تولى ونصله جهنم وساءت مصيرا) .

    قال صاحب الجوهرة: وكل خير في إتباع مَن سلف وكل شر في ابتداع مَن خلف وقد أتيتُ بكلمات لطيفة في كتاب (ضوء الشمس) نظمتها من كلمات السلف الصالح مصدرة بحديث نبوي جليل المفاد ولمناسبتها لهذا المقام أوردتها بحروفها وهي: لما منّ الله على البرية بوصول نوبة البعثة إلى نبينا المعظم صلى الله تعالى عليه وسلم انطمس شهاب نار الكفر ولمع شعاع نور الذكر وتم ببركته عليه الصلاة والسلام ما نقص من مكارم الأخلاق وانتشر بهمته المحمدية علم العدل والصلاح في الآفاق لكونه جمع ما تفرق في إخوانه النبيين والمرسلين من الهمم والشيَم والأخلاق العلية الزكية والأوصاف الحميدة المرضية فلم يبق خصلة محمودة إلا أوصل إليها ودلّ عليها ولم يترك خصلة مذمومة إلا نهى عنها وحذر منها. وجمعت شريعته الطاهرة شتات الأحكام الصالحة فصارت تجارة الخلق ببركة رسالته رابحة وسرى سر خلافته في العوالم وعلم الثقلان أنه عليه الصلاة والسلام أشرف نائب عن الربوبية وأعدل حاكم.

    فإذا فهمت ذلك علمت ما للنوع الإنساني من التكرمة عند الله وأدركت أن أشرف أنواع الخلق الإنسان وأعلى مراتب الإنسان خلافة الله وأعلى مراتب خلافة الله الرسالة وأعلى مراتب الرسالة مرتبة أولي العزم من الرسل عليهم الصلاة والسلام وأعلى مراتبهم وأجمعها دعوة وأعظمها شرفاً وأجلّها قدراً وأرفعها ذكراً وأطولها سناماً وأشمخها مقاماً الرسالة المحمدية التي اختص الله بها سيد البرية صلى الله تعالى عليه وسلم فهو قطب الدائرة ومفتاح باب سعادة الدنيا والآخرة وهو ختم الختم ومحل الإفشاء والكتم فكمال غيره كمال عن نقص وكماله كمال عن كمال. أوتي جوامع الكلم وانقطعت به نبوة التشريع وقد أرسل وكان نبياً وآدم بين الماء والطين وغيره ما كان نبياً إلا بعد تحصيل شرائط النبوة فجميع النبوات والرسالات والولايات مدرجة في نبوته وولايته ورسالته صلى الله تعالى عليه وسلم.

    وقد تبين لك إن الإنسان ثمرة العالم وأن عين الإنسان وعين إنسانه نبينا المعظم صلى الله تعالى عليه وسلم وهو رسول الله إلى الخلق كافة والأصل في رسالته بالنسبة إلى الخلق الدلالة على الله والإرشاد إلى الله وقود الخلق إلى مكارم الأخلاق ولهذا المعنى نزلت الكتب وشُرّعت الشرائع والسنن وضُربت الأمثال والمواعظ واحتيج إلى الأنبياء والملوك والعلماء والوزراء والأعوان والإخوان والأصدقاء ونُدب الاقتداء. ولولا ذلك لم يحتج أحد إلى أحد بل اكتفى كل أحد بنفسه. وعلى هذا المعنى ترتب الجزاء والعقاب والمدح والذم. فما رأيناه سبحانه وتعالى أثنى على أحد إلا بعمل ولا ذمَّ أحداً إلا بعمل ولا أوعد إلا على عمل.
    وقال تعالى: {فَالْيَوْمَ تُجْزَوْنَ عَذَابَ الْهُونِ بِمَا كُنتُمْ تَسْتَكْبِرُون}الأحقاف20. {وَمَن يَقْتُلْ مُؤْمِناً مُّتَعَمِّداً فَجَزَآؤُهُ جَهَنَّم}النساء93. {وَمَن يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَل لَّهُ مَخْرَجا}الطلاق2. جعل التقوى سبباً لذلك وهي عمل. وقال تعالى أيضاً: {لَهَا مَا كَسَبَتْ وَعَلَيْهَا مَا اكْتَسَبَتْ}البقرة286. وقال: {إِن تَنصُرُوا اللَّهَ يَنصُرْكُمْ}محمد7.

    ومن معنى الندب على الاقتداء قوله تعالى:
    {فَبِهُدَاهُمُ اقْتَدِهْ}الأنعام90. {وَشَاوِرْهُمْ فِي الأَمْرِ}آل عمران159 . {وَاصْبِرْ نَفْسَكَ}الكهف28. وغير ذلك من الآيات الكريمة. ومن هذه المعاني قول النبي صلى الله تعالى عليه وسلم: "الكيّس مَن دان نفسه وعمل لما بعد الموت والعاجز من أتبع نفسه هواها وتمنى على الله الأماني".
    وقوله عليه الصلاة والسلام: "لا تجالسوا كل عالم إلا عالماً يدعوكم من خمس إلى خمس من الشك إلى اليقين ومن الكبر إلى التواضع ومن الرياء إلى الإخلاص ومن الرغبة إلى الزهد ومن العداوة إلى النصيحة".
    فمن ذلك يُعلم لديك أن النبي صلى الله تعالى عليه وسلم لما كانت رسالته الجامعة وشريعته الشريعة الناسخة وهو المبعوث لتكميل مكارم الأخلاق أوضح الطرق وفتح الأبواب ومهّد المناهج وسهّل الأسباب ولزم على كل ذي طبع كريم وقلب سليم أن يتمسك بحبل شريعته وأن يتشبث بذيل طريقته وأن ينحرف عن صحبة الجاهلين ويجتنب مودة الفاسقين. على أن الطبع البشري سراق قريب المأخذ كالماء يتلون بلون إنائه ويتشبه بشكل رفقائه ومن هذا قول علي أمير المؤمنين كرم الله وجهه ورضي الله عنه: فلا نصحب أخا الجهل فكم من جاهل أردى يُقاسُ المرءُ بالمرء وللشيء على الشيء وإياك وإياهُ حكيماً حين آخاهُ إذا ما هو ماشاهُ مقاييسٌ وأشباهُ وله كرم الله وجهه: لا تصحب الكسلان في حالاته عدوى الجليد إلى البليد سريعة كم صالح بفساد آخر يفسدُ والجمرُ يوضَعُ في الرماد فيخمدُ.
    التعديل الأخير تم بواسطة ناظم; الساعة 01-31-2021, 05:49 PM.
يعمل...
X