إعـــــــلان

تقليص
لا يوجد إعلان حتى الآن.

رسائل إخوان الصفاء وخِلَّان الوفاء (الجزء الأول- الرسالة السادسة)

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • رسائل إخوان الصفاء وخِلَّان الوفاء (الجزء الأول- الرسالة السادسة)

    الجزء الأول
    الرسالة السادسة


    في النسبة العددية والهندسية في تهذيب النفس وإصلاح الأخلاق


    بسم الله الرحمن الرحيم

    الْحَمْدُ لِلهِ وَسَلَامٌ عَلَى عِبَادِهِ الَّذِينَ اصْطَفَى آللهُ خَيْرٌ أَمَّا يُشْرِكُونَ

    اعلم أيها الأخ، أيدك الله وإيانا بروح منه، أنا قد فرغنا من الرسالة التي تقدم ذكرها، ونريد أن نذكر في هذه الرسالة نسبة العدد بعضها إلى بعض، فنقول:

    اعلم بأن النسبة هي قدر أحد المقدارين عند الآخر، وكل عددين إذا أُضيف أحدهما إلى الآخر فلا يخلو من أن يكونا متساويين أو مختلفين، فإن كانا متساويين فيقال لإضافة أحدهما إلى الآخر: نسبة التساوي، وإن كانا مختلفين فلا بد من أن يكون أحدُهُما أكثر والآخر أقل، فإنْ أُضيف الأقل إلى الأكثر يقال له: الاختلاف الأصغر، ويعبر عنه بأحد تسعة الألفاظ التي ذكرنا قبل، وهي النصف والثلث والربع والخمس والسدس والسبع والثمن والتسع والعشر وما تركب من هذه الألفاظ. ويضاف إليها مثل ما يقال: نصف السدس وثلث الخمس وما شاكل ذلك، وهذه النسبةُ معروفةٌ بين الحساب مثل نسبة الستة إلى الستين وغيره من الأعداد، وأما إِنْ أُضيف العددُ الأكثر إلى الأقل، فيقال له: الاختلاف الأعظم، والنظر والكلام في مثل هذه النسبة للمتفلسفين لا لحساب الدواوين.

    وهذه النسبةُ معروفةٌ تتنوعُ بخمسة أنواع، ويعبر عنها بخمسة ألفاظ، أولها نسبةُ النصف، والثاني نسبة المثل الزائد جزءًا، والثالث نسبة المثل والزائد جزء، والرابع نسبة الضعف والزائد جزء، والخامس نسبة الضعف والزائد جزء، ولا يمكن أن يُضاف عددٌ أكثرُ إلى عدد أقل، فيكون خارجًا من هذه النسب الخمس.

    أما نسبة الضعف فهو مثل إضافة سائر الأعداد المبتدأة من الاثنين على النظم الطبيعي، بالإضافة إلى الواحد بالغًا ما بلغ، فإن الاثنين ضعف الواحد، والثلاثة ثلاثة أضعافه، والأربعة أربعة أضعافه، وكذلك الخمسة خمسة أضعافه، وعلى هذا القياس سائرُ الأعداد بالغًا ما بلغ، وإذا أضيف إلى الواحد يقال له: نسبة ذي الأضعاف، وهذه صورتها:

    ١ ٢ ٣ ٤ ٥ ٦ ٧ ٨ ٩



    وأما نسبة المثل والزائد جزء فهو مثل نسبة سائر الأعداد المبتدأة من الاثنين المنتظمة على النظم الطبيعي، كل واحدة إلى نظيرتها كالثلاثة إلى الاثنين والأربعة إلى الثلاثة والخمسة إلى الأربعة والستة إلى الخمسة، وعلى هذا القياس سائر الأعداد بالغًا ما بلغ إذا أضيف إلى الذي قبله بواحد، فإنه لا يخرج من هذه النسبة التي هي مثل وجزء منه، وهذه صورتها:
    ٣ ٤ ٥ ٦ ٧ ٨ ٩
    ٢ ٣ ٤ ٥ ٦ ٧ ٨
    وأما نسبة المثل والزائد أجزاء فهو مثل نسبة سائر الأعداد المبتدأة من الثلاثة المنتظمة على النظم الطبيعي إذا أضيف إليها سائر الأعداد المبتدأة من الخمسة، المنتظمة على نظم الأفراد دون الأزواج؛ كالخمسة إلى الثلاثة والسبعة إلى الأربعة والتسعة إلى الخمسة والأحد عشر إلى الستة والثلاثة عشر إلى السبعة، وعلى هذا القياس سائرُ الأعداد بالغًا ما بلغ، وهذه صورتها:
    ٥ ٧ ٩ ١١ ١٣ ١٥
    ٣ ٤ ٥ ٦ ٧ ٨
    وأما نسبة الضعف والزائد جزء فهو مثل سائر الأعداد المبتدأة من الاثنين المنتظمة على النظم الطبيعي إذا أضيف إليها سائر الأعداد المبتدأة من الخمسة على نظم الأفراد دون الأزواج؛ كالخمسة إلى الاثنين والسبعة إلى الثلاثة والتسعة إلى الأربعة والأحد عشر إلى الخمسة، وعلى هذا القياس سائرُ الأعداد بالغًا ما بلغ، وهذه صورتها:
    ٥ ٧ ٩ ١١
    ٢ ٣ ٤ ٥
    وأما نسبة الضعف والزائد أجزاء فهو مثل نسبة سائر الأعداد المبتدأة من الثلاثة على النظم الطبيعي إذا أضيف إليها سائر الأعداد المبتدأة من الثمانية بزيادة الثلاثة؛ كالثمانية إلى الثلاثة والأحد عشر إلى الأربعة والأربعة عشر إلى الخمسة والسبعة عشر إلى الستة، وعلى هذا القياس سائرُ الأعداد بالغًا ما بلغ يتخطى ثلاثة ثلاثة على هذا المثال، وهذه صورتها:
    ٨ ١١ ١٤ ١٧
    ٣ ٤ ٥ ٦
    فقد تبين أن كل عددين مختلفين إذا أُضيف الأكثر إلى الأقل فلا يخلو من هذه الخمس النسب التي ذكرناها، وهي نسبةُ الضعف والمثل وجزء، والمثل وأجزاء والضعف وجزء والضعف وأجزاء، وأما إذا أُضيف الأقلُّ إلى الأكثر على هذا الترتيب الذي بَيَّنَّاه فيزاد في هذه الخمسة الألفاظ لفظةٌ أُخرى هي لفظة تحت، فيقال: إذا أُضيف الواحد إلى سائر الأعداد فهي تحت ذي الأضعاف والاثنان إذا أضيفت للثلاثة، فيقال: تحت المثل والزائد جزءًا، وكذلك إذا أضيف الثلاثة إلى الأربعة والأربعة إلى الخمسة، وعلى هذا القياس وبالعكس مما ذكرناه في الباب الأول من نسبة الأكثر إلى الأقل كل واحد بالنسبة إلى نظيره كالثلاثة إذا أضيف إلى الخمسة والأربعة إلى السبعة والخمسة إلى التسعة، فيقال: تحت المثل والزائد أجزاء، وأما الاثنان إلى الخمسة والثلاثة إلى السبعة والأربعة إلى التسعة؛ فيقال: تحت الضعف والزائد جزءًا، وأما الثلاثة إلى الثمانية والأربعة إلى الأحد عشر والخمسة إلى الأربعة عشر والستة إلى سبعة عشر، فيُقال: تحت الضعف والزائد أجزاء، فقد تبين أن نسبة الأقل إلى الأكثر لا تخلو من هذه الخمسة المعاني التي تحت ذي الأضعاف وتحت المثل والزائد جزءًا، وتحت المثل والزائد أجزاء، وتحت ذي الأضعاف والزائد جزءًا، وتحت ذي الأضعاف والزائد أجزاء.


    (١) فصل في النسب


    اعلمْ أن النسبة على ثلاثة أنواع، إما بالكمية وإما بالكيفية وإما بهما جميعًا، فالتي بالكمية يقال لها: نسبةٌ عدديةٌ، والتي بالكيفية يقال لها: نسبة هندسية، والتي بهما جميعًا يُقال لها: نسبةٌ تأليفيةٌ وموسيقيةٌ، وأما النسبة العددية فهي تفاوت ما بين عددين مختلفين بالتساوي؛ مثال ذلك واحد اثنان ثلاثة أربعة خمسة ستة سبعة ثمانية تسعة عشرة، فإن تفاوُت ما بين كل عددين من هذه الأعداد واحد واحد، وكذلك اثنان أربعة ستة ثمانية عشرة اثنا عشر أربعة عشر ستة عشر ثمانية عشر وما زاد، فإن التفاوُت بينَ كُلِّ عددين من هذه الأعداد اثنان اثنان.

    وكذلك: واحد ثلاثة خمسة سبعة تسعة أحد عشر وما زاد على ذلك، فإن التفاوت بين كل عددين منها اثنان اثنان، وعلى هذا القياس تبنى سائر النسب العددية، وإنما يعتبر مساواة تفاوت ما بينهما، ومن خَاصِّيَّة هذه النسبة أن كل عددين — أي عددين كانا — إذا أخذ نصف كل واحد منهما وجمع يكون منهما عددٌ آخرُ متوسط بين العددين، مثال ذلك ثلاثة وأربعة تفاوت ما بينهما واحد، فإن أخذ نصف الثلاثة وهو واحد ونصف الأربعة وهو اثنان، وجمع بينهما يكون ثلاثة ونصفًا وثلاثة ونصف أكثر من ثلاثة بنصف، وينقص عن الأربعة بنصف، وعلى هذا القياس يُعتبر سائر النسب العددية.

    وأما النسبة الهندسية فهي قدرُ أحد العددين المختلفين عند العدد الآخر؛ مثال ذلك أربعةٌ ستةٌ تسعةٌ، فإنما هي في نسبة هندسية، وذلك أن نسبة الأربعة إلى الستة كنسبةِ الستةِ إلى التسعة، وذلك أن الأربعة ثُلُثَا الستة، والستة ثلثا التسعة، وكذلك بالعكس فإن نسبة التسعة إلى الستة كنسبة الستة إلى الأربعة، وذلك أن التسعة مثل الستة ومثل نصفها، والستة مثل الأربعة ومثل نصفها، وهكذا: ثمانية واثنا عشر وثمانية عشر وسبعة وعشرون، فإنها كلها في نسبة هندسية، وذلك أن الثمانية ثلثا الاثني عشر، والاثني عشر ثلثا الثمانية عشر، والثمانية عشر ثلثا السبعة والعشرين، وكذلك بالعكس سبعة وعشرون مثل ثمانية عشر ومثل نصفها، وثمانية عشر مثل اثني عشر ومثل نصفها، والاثنا عشر مثل الثمانية ومثل نصفها، وعلى هذا المثال يُعتبر سائر النسب الهندسية.

    وهي تنقسم نوعين: متصلة ومنفصلة، فالمتصلة مثل هذه التي قَدَّمْنَا ذِكْرَها، ومن خاصيةِ هذه النسبة إذا كانت ثلاثة أعداد، فإن ضرب الأول في الثالث مثل ضرب الثاني في نفسه، مثال ذلك أَنَّ ضرب الأربعة في التسعة مثل ضرب الستة في نفسها، وإن كانت أربعة أعداد، فإنَّ ضَرْبَ الأول في الرابع مثل ضرب الثاني في الثالث، مثال ذلك ثمانية واثنا عشر وثمانية عشر وسبعة وعشرون، وأما المنفصلةُ فهي مثل أربعة وستة وثمانية واثني عشر، فإن نسبة الأربعة إلى الستة كنسبة الثمانية إلى الاثني عشر؛ لأن الثمانية ثُلُثَا الاثني عشر، وليست الستة ثلثي الثمانية، لكن الأربعة ثلثا الستة، فهذه النسبة وأمثالها يقال لها: منفصلة.

    ومن خَاصِّيَّة هذه النسبة أن ضرب الأول في الرابع مثل ضرب الثاني في الثالث، ومن خَاصِّيَّة هذه النسبة المتصلة أن الحد الأوسط مشترك في النسبة، وأما المنفصلة فالحدُّ الوسطُ غير مشترك في النسبة، وأما النسبةُ التأليفيةُ فهي المركبةُ من الهندسية والعددية، مثال ذلك واحد واثنان وثلاثة وأربعة وخمسة وستة، فالستة تسمى الحد الأعظم، والثلاثة الحد الأصغر، والأربعة الحد الأوسط، وواحد واثنان هما التفاضلُ بين الحدود، وذلك أن فضل ما بين الستة والأربعة اثنان، وفضل ما بين الأربعة والثلاثة واحد، فنسبة الاثنين الذي هو التفاضل بين الستة والأربعة والثلاثة إلى الواحد الذي هو التفاضلُ بين الأربعة والثلاثة كنسبة الحد الأعظم الذي هو الستةُ إلى الحد الأصغر الذي هو الثلاثة.

    وكذلك بالعكس نسبة الثلاثة الذي هو الحدُّ الأصغرُ إلى الستة الذي هو الحدُّ الأعظمُ، كنسبة الواحد إلى الاثنين الذي هو تفاوُتُ ما بين الأربعة والستة.

    ومن وجهٍ آخرَ نسبة الواحد إلى الاثنين كنسبة الاثنين إلى الأربعة، وكنسبة الثلاثة إلى الستة، وعكس ذلك نسبة الستة إلى الثلاثة كنسبة الأربعة إلى الاثنين، ونسبة الاثنين إلى الواحد، ومِنْ وجهٍ آخر نسبة الستة إلى الأربعة كنسبة الثلاثة إلى الاثنين، وعكس ذلك نسبة الاثنين إلى الثلاثة كنسبة الأربعة إلى الستة؛ فإن هذه النسبة مؤلفةٌ من العدديةِ والهندسيةِ، ومركبةٌ منهما، ومن هذه النسبةِ استخراجُ تأليف النغم والألحان — كما بَيَّنَّا في رسالة الموسيقى.


    (٢) فصل في استخراج النسب المتصلة


    كل عدد — أي عدد كان — أُضيف إلى عدد آخر أكثر منه، فله إليه نسبةٌ ما، وقد يوجدُ عددٌ آخرُ أَقَلُّ منه في تلك النسبة، مثال ذلك عشرةٌ إذا نسبت إلى مائة فإنها في نسبة العشر، ودونها الواحدُ في تلك النسبة؛ لأن الواحد عشر العشرة، كما أن العشرة عشر المائة، وكذلك نسبة العشرة إلى التسعين كنسبة الواحد والتسع إلى العشرة، وكذلك نسبة العشرة إلى الثمانين كنسبة الواحد والربع إلى العشرة، وكذلك نسبة العشرة إلى السبعين كنسبة الواحد وثلاثة أسباع إلى العشرة، وكذلك نسبة العشرة إلى الستين كنسبة الواحد والثلثين إلى العشرة، وكذلك نسبة العشرة من الخمسين كنسبة الاثنين من العشرة، ونسبة العشرة من الأربعين كنسبة الاثنين ونصف إلى العشرة، ونسبة العشرة من الثلاثين كنسبة الثلاثة والثلث من العشرة، ونسبة العشرة من العشرين كنسبة الخمسة من العشرة، وعلى هذا القياس تُعتبر سائرُ النسب المتصلة.

    والقياس في استخراج هذه النسبة أن يُضرب ذلك العددُ في نفسه، ويقسم العددُ الحاصلُ منه على العددِ الأكثرِ، فما خرج فهو العددُ الأقلُّ في تلك النسبة، وإن قُسم المبلغ على العددِ الأقلِّ خرج العدد الأكثر في تلك النسبة، مثال ذلك إذا قيل لك: أوجدني عددًا يكون نسبتُهُ إلى العشرة كنسبةِ العشرة إلى الأحد عشر، فبابُهُ أن تضرب العشرة في نفسها ويقسم المبلغ على أحد عشر فيخرج تسعةٌ وجزء من أحد عشر، فيكون نسبةُ التسعة وجزءٌ من أحد عشر إلى العشرة كنسبة العشرة إلى الأحد عشر، وإن قسمتَ ذلك على تسعة خرج أحد عشر وتسع.

    فنسبة العشرة إلى التسعة كنسبة الأحد عشر والتسع إلى العشرة، ومن خَاصِّيَّة هذه النسبة أنه متى كان اثنان منها معلومَين والثالث مجهولًا، يمكن أن يعلم ذلك المجهول من المعلومين، فبابُهُ أن يضرب أحدُ المعلومين في نفسه، ويقسم المبلغ على الآخر، فما خرج فهو ذلك المجهولُ المطلوبُ، مثال ذلك إذا قيل لك: أوجدني عددًا يكون نسبته إلى الاثنين كنسبة الأربعة إلى الستة، أو قال: نسبة الأربعة إليه كنسبة الستة إلى الأربعة، فالقياس فيهما واحدٌ وهو أن تضرب الأربعةَ في نفسها فيكون ستة عشر، فنقسمها على الستة فيكون اثنين وثلثين، فتقول: نسبة الاثنين وثلثين إلى الأربعة كنسبة الأربعة إلى الستة، وعكس ذلك نسبة الأربعة إلى الاثنين والثلثين كنسبة الستة إلى الأربعة، فإن ذكر الستة فافعل بها مثل ما فعلت بالأربعة، فإن الباب فيهما واحد، وذلك أن الستة إذا ضُربت في نفسها وقُسم المبلغ على أربعة كانت تسعة، فنقول: نسبة التسعة إلى الستة كنسبة الستة إلى الأربعة.

    وعكس ذلك نسبة الستة إلى التسعة كنسبة الأربعة إلى الستة، وعلى هذا المثال فَقِسْ نظائرَ ذلك، ومن هذه النسبة يستخرج المجهولات الهندسية بالمعلومات، وكذلك المجهولاتُ التي في المعاملات إن كان ثمنًا أو مثمنًا، مثاله إذا قيل: عشرة نسبة إلى أربعة بكم، فاضرب الأربعة في ستة، واقسم المبلغ على العشرة فما خرج فهو المطلوب.

    واعلمْ بأنه تارةً يكون المجهول هو الثمن، وتارة هو المثمن، فاجتهدْ في القياس أن لا يضرب الثمن في الثمن والمثمن في المثمن، ولكن الثمن في المثمن والمثمن في الثمن.


    (٣) فصل في التناسب


    اعلمْ أَنَّ التناسبَ هو اتفاقُ أقدار الأعداد بعضها من بعض، والعددان لا يتناسبان؛ أقل النسبة من ثلاثة أعداد وأقل الأعداد المتناسبة بثلاثة أعداد المتناسبة إذا كانت ثلاثة، فإنَّ قَدْر أولها من ثانيها كقدر ثانيها من ثالثها، وكذلك بالعكس كل ثلاثة أعداد متناسبة، فإن مضروب أولها في ثالثها كمضروب ثانيها في نفسه، وهذا مثال ذلك ٩٦٤، كل ثلاثة أعداد متناسبة إذا كانت حاشيتاها معلومتين والواسطة مجهولة؛ أعني: بالحاشيتين الأول والثالث، فإذا ضربت إحدى الحاشيتين في الأخرى، وأخذ جذر المجتمع كان ذلك هو الواسطة المجهولة؛ فإن كانت إحدى الحاشيتين معلومة والواسطة معلومة ضربت الواسطةُ في مثلها، وقسم المبلغ على الحاشية المعلومة، فما خرج من القسمة فهو الحاشية المجهولة الأعداد المتناسبة إذا كانت أربعة فإنَّ نسبتها على نوعين، أحدهما نسبة التوالي والآخر غير التوالي.

    فأما الأعدادُ المتناسبة المتوالية على نسبتها إذا كانت أربعة، فإن قدر أولها من ثانيها كقدر ثانيها من ثالثها، وثانيها من ثالثها كثالثها من رابعها، مثال ذلك: «ب د ح يو» إذا كانت أعدادًا متناسبة غير متوالية كان قدر أولها من ثانيها كقدر ثالثها من رابعها، ولم يكن قدر ثانيها من ثالثها كقدر ثالثها من رابعها، مثل هذه الصورة: ح و ج يو، كل أربعة أعداد متناسبة متوالية كانت أو غير متوالية، فإن مضروب أولها في رابعها مثل مضروب ثانيها في ثالثها، وإذا ضربت إحدى الواسطتين في الأخرى وقسم المبلغ على الحاشية المعلومة، فما خرج فهو الحاشية المجهولة.

    فإن كانت إحدى الواسطتين مجهولةً وسائرها معلومة ضربت إحدى الحاشيتين في الأخرى وقسمت المبلغ على الواسطة المعلومة، فما خرج فهو الواسطة المجهولة الأعداد المتناسبة المتوالية على نسبتها إذا كانت أربعة وكان عددان منها معلومَين والباقيان مجهولَين أمكن إخراج المجهولين بالمعلومين، فإن كان الأول والثاني معلومين ضربت الثاني في مثله، وقسمت المبلغ على الأول، فما خرج فهو الثالث، فإن كان الأول والثالث معلومَين ضربت الأول في الثالث، وأخذت جذر المبلغ، فما كان فهو الثاني، ثم ضربت الثالث في نفسه، وقسمت المبلغ على الثاني، فما خرج فهو الرابع، وكذلك العمل في سائر الأعداد.

    فأما إذا كانتْ أربعةَ أعداد متناسبة غير متوالية، وكان المعلومُ منها عددَين لم يمكن استخراجُ المجهولين بالمعلومين، غير أنه إذا كان الأول والثاني معلومَين، وكان الثاني أكثر من الأول، قسم الثاني على الأول فما خرج من أضعاف الأول ونسبته، فإن في الرابع مثل ذلك من أضعاف الثالث، وإذا كان الأول أكثر من الثاني قسم الأول على الثاني، فما خرج من القسمة ففي الثالث مثل ذلك من أضعاف الرابع.

    وأما قلبُ النسبة فَأَنْ تجعل نسبة الأول إلى الثالث كنسبة الثاني إلى الرابع على الاستواء والعكس، وأما ترتيبُ النسبةِ فَأَنْ تجعل نسبة الأول إلى الأول والثاني معًا كنسبة الثالث إلى الثالث والرابع معًا، وكذلك هو في العكس والتبديل، وأما تفضيلُ النسبة فهو نسبة زيادة الأول على الثاني إلى الثاني، كذلك يكون نسبة زيادة الثالث على الرابع إلى الرابع، وأما تنقيصُ النسبة فَأَنْ تَجْعَلَ نسبة ما بَقِيَ من الثاني بعد ما نقص منه الأول إلى الأول كنسبة الرابع بعد ما نقص منه الثالث، وكذلك في العكس وتبديل النسبة.


    (٤) فصل في فضيلةِ علمِ النسب العددية والهندسية والموسيقية


    اعلمْ أيها الأخُ البارُّ الرحيمُ، أيدك الله وإيانا بروح منه، أنه قد اتفقت الأنبياءُ — صلوات الله عليهم — والفلاسفةُ بأن الله — عز وجل — الذي لا شريك له ولا شبه له، واحدٌ بالحقيقة من جميع الوُجُوه وأن كل ما سواه مِنْ جميعِ الموجودات مثنوية مؤلفة ومركبة، وذلك أن الله لَمَّا أراد إيجاد العالم الجسماني اخترع أولًا الأصلين وهما الهيولى والصورة، ثم خلق منهما الجسم المطلق وجعل بعض الأجسام يعني الأركان على الطبائع الأربع التي هي الحرارةُ والبرودةُ واليبوسةُ والرطوبةُ، والأركان هي النارُ والهواءُ والماءُ والأرضُ، ثم خلق مِنْ هذه الأركانِ جميعَ ما على وجه الأرض من الحيوان والنبات والمعادن.

    واعلمْ أن هذه الأركان متفاوتات القوى، متضادات الطبائع، مختلفات الصور، متباينات الأماكن، متعاديات متنافرات، لا تجتمع إلا بتأليف المؤلف لها، والتأليف متى لا يكون على النسبة لم يمتزجْ ولم يتحدْ، ومن أمثال ذلك أصواتُ النغم الموسيقية، وذلك أَنَّ نغمةَ الزير رقيق خفيف، ونغمة البم غليظٌ ثقيل، والرقيق ضد الغليظ والخفيف ضد الثقيل.

    وهما متباينان متنافران لا يجتمعان ولا يلتقيان إلا بمركب ومؤلف يؤلفهما، ومتى لا يكون التأليف على النسبة لا يمتزجان ولا يتحدان ولا يستلذهما السمع، فمتى ألفا على النسبة ائتلفا وصارا كنغمة واحدة لا يميز السمع بينهما وتستلذهما الطبيعة وتُسَرُّ بهما النفوس، وهكذا أيضًا الكلامُ الموزونُ إذا كان على النسبة يكونُ في السمع أَلَذَّ من النثر الذي ليس بموزون؛ لِمَا في الموزون من النسب.

    ومن أمثال ذلك عروض الطويل، فإنه ثمانيةٌ وأربعون حرفًا؛ ثمانيةٌ وعشرون حرفًا متحركةٌ وعشرون حرفًا ساكنة، فنسبة سواكنه إلى متحركاته كنسبة خمسة أسباع، وهكذا نسبة نصف البيت وهو أربعةَ عشر حرفًا متحركةٌ وعشرةُ أحرف ساكنة، وهكذا نسبةُ الربع سبعة أحرف متحركةٌ وخمسةُ أحرف سواكن، وأيضًا فهو مؤلف من اثني عشر سببًا، والأسباب اثنا عشر حرفًا متحركة واثنا عشر ساكنة وثمانية أوتاد ثمانية أحرف منها سواكن وستة عشر حرفًا متحركة.

    ومن أمثال ذلك أيضًا حُرُوفُ الكتابة، فإنها مختلفةُ الأشكال، متباينةُ الصور، وإذا جُعِلَ تقديرُها ووضع بعضها من بعض على النسبة كان الخط جيدًا، وإن كان على غير النسبة كان الخط رديئًا، وقد بَيَّنَّا نسبةَ الحروف بعضها من بعض كيف ينبغي أن تكون في رسالةٍ أُخرى.

    ومن أمثال ذلك أيضًا أصباغ المصورين؛ فإنها مختلفة الألوان، متضادةُ الشعاع كالسواد والبياض والحمرة والخضرة والصفرة وما شاكلها من سائر الألوان، فمتى وضعتْ هذه الأصباغُ بعضها من بعض على النسبة كانت تلك التصاويرُ براقةً حسنةً تلمع، ومتى كان وضعُها على غير النسبة كانت مظلمةً كدرة غير حسنة، وقد بَيَّنَّا في رسالة أُخرى كيف ينبغي أن يكون وضعُ تلك الأصباغ على النسبة بعضها من بعض حتى تكون حسنة.

    ومن أمثال ذلك أيضًا أعضاء الصور ومفاصلها فإنها مختلفةُ الأشكال، متباينةُ المقادير، فمتى كانت مقاديرُ بعضها من بعض على النسبة ووضع بعضها من بعض على النسبة؛ كانت الصورةُ صحيحةً محققة مقبولة، ومتى كانت على غير ما وصفنا كانت سمجة مضطربة غير مقبولة في النفس، وقد بَيَّنَّا من ذلك طرفًا كيف ينبغي تقدير الصور ووضع أعضائها بعضها من بعض في الرسالة المتقدم ذِكْرُها.

    ومن أمثال ذلك أيضًا عقاقيرُ الطب وأدويتها فإنها متضادات الطباع، مختلفاتُ الطعوم والروائح والألوان، فإذا ركبتْ على النسبة صارتْ أدويةً ذات منافع كثيرة؛ مثل الترياقات والمراهم وما شاكل ذلك، ومتى ركبتْ على غير نسبة في أوزانها ومقاديرها، صارتْ سمومًا ضارةً قاتلة.

    ومن أمثال ذلك أيضًا حوائجُ الطبيخ، فإنها مختلفةُ الطعم واللون والروائح والمقادير فمتى جعلت مقاديرُها في القدر عند الطبخ لها على النسبة كان الطبيخ طيبَ الرائحة، لذيذَ الطعم، جيد الصنعة، ومتى كان على غير النسبة كان بخلاف ذلك، ومن أجل هذا ذكر في كتاب الطب وفي كتب الصنعة أن تلك العقاقير متى ركبت على النسبة، ودبرت على تلك النسبة صحت، ومتى كانت على غير ذلك فسدت ولم تصح.

    وعلى هذا القياس تركيب جواهر المعادن كلها من الزئبق والكبريت، وذلك أن الزئبق والكبريت متى امتزجا، وكان مقدارُهُما على النسبة وطبختْهما حرارة المعدن على ترتيب واعتدال؛ انعقد من ذلك على طول الزمان الذهب الإبريز، ومتى لم تكن أجزاؤهما على تلك النسبة وقصرت حرارة المعدن عن طبخهما صارت فضة بيضاء، ومتى كانت أجزاء الكبريت زائدةَ الحرارة نشفت رطوبةُ الزئبق، وغلب اليبس عليها وصارت نحاسًا أحمر.

    ومتى كان الزئبقُ والكبريتُ غليظين غير صافيَين صار منهما الحديد، ومتى كان الزئبقُ أكثرَ والكبريت أقلَّ والحرارة ناقصةً؛ غلب البرد عليها وصارت أسربًا، وعلى هذا القياس تختلف جواهر المعادن بحسب مقادير الزئبق والكبريت وامتزاجهما على النسبة والخروج إلى الزيادة والنقصان واعتدال طبخ الحرارة لها والخروج منها بالإفراط والتقصير.

    وعلى هذا القياس تختلفُ أشكالُ الحيوان والنبات وهيئاتها وألوانها وطعومها وروائحها على حسب تركيب أجزاء الأركان الأربعة التي هي النارُ والهواءُ والماءُ والأرض ونسبة مقادير أجزائها وقوَى بعضها من بعض.

    ومن أمثال ذلك أن المولودين من البشر متى كانت كمية الأخلاط التي ركبت منها أجسامهم؛ أعني: الدم والبلغم والمرتين في أصل تركيبهم على النسبة الأفضل، ولم يعرض لها عارضٌ كانت أجسادُهُم صحيحةَ المزاج وبنية أبدانهم قوية وألوانهم صافية.

    وهكذا متى كان تقديرُ أعضائهم ووضع بعضها من بعض على النسبة الأفضل؛ كانت صورهم حسنةً وهيئاتهم مقبولةً وأخلاقهم محمودةً، ومتى كانت على خلاف ذلك كانت أجسادُهُم مضطربةً وصورهم وحشة وأخلاقهم غير محمودة، والمثال في ذلك المولودون الذين غلبتْ على أمزجةِ أبدانهم الحرارة؛ فإن أجسادَهم تكون نحيفةً وألواهم سمرًا ويكونون سريعي الحركة والغضب زائدين في الشجاعة إلى التهوُّر ومن السخاء إلى التبذير، وأما الذين الغالب على أبدانهم البرودة، فإنهم يكونون بطيئي الحركة، عبلى الأجساد، بيض الألوان، قليلي الغضب، زائدين في الجبن والبخل.

    وقد تبين هذا في كُتُب الطب وكتب الفراسة بشرحٍ طويل، وإنما أَرَدْنَا نحن أن نذكر مِنْ كل جنس من الموجودات مثالًا؛ ليكون دالًّا على شَرَفِ علم النسب الذي يُعرف بالموسيقى، وأن هذا العلم محتاج إليه في الصنائع كلها، وإنما خص هذا العلم باسم الموسيقى الذي هو تآلفُ الألحان والنغم؛ لأن المثال فيه أَبْيَنُ؛ وذلك أن القدماء من الحكماء إنما استخرجوا أُصُول الألحان والنغم من المعرفة بالنسبة العددية والهندسية لما جمعوا بينهما خرجت النسبة الموسيقية كما بينا في الفصل الذي في استخراج النسب.

    وذكر أصحابُ النجوم والمتفلسفون بأن للسعود من الكواكب لأفلاكها ولأعظام أجرامها ولسرعة حركاتها إلى الأركان الأربعة؛ نسبةٌ موسيقيةٌ، وأن لتلك الحركات نغماتٌ لذيذة، وأن النحوس من الكواكب ليست لها تلك النسبة، وكذلك لبيوت الفلك التي يناظر بعضها بعضًا نسبةٌ شريفة.

    وأن البيوت التي لا تتناظرُ ليست لها تلك النسبة، وأن لبيوت النحوس وأفلاكها بعضها إلى بعض نسبة، وأن لبيوت السعود وأفلاكها بعضها إلى بعض نسبة شريفة ليستْ بينها وبين النحوس تلك النسبة ولا بين النحوس بعضها من بعض، ومِنْ أجل شرفِ علم النسبة ولطيف معانيها أفرد في كتاب إقليدس مقالتان في علم النسب بمثالات وبراهين، وبالجملة إن كل مصنوع من أشياء متضادة الطبائع، متعادية القوى، مختلفة الأشكال، فإن أحكمها وأتقنها ما كان تركيب أجزائه وتأليف أعضائه على النسبة الأفضل.

    ومن عجائب خَاصِّيَّة النسبة ما يظهر في البعاد والأثقال من المنافع، من ذلك ما يظهر في القرسطون أعني القبان، وذلك أن أحد رأسي عمود القرسطون طويلٌ بعيدٌ مِن المعلاق، والآخر قصيرٌ قريبٌ منه، فإذا علق على رأسه الطويل ثقل قليل، وعلى رأسه القصير ثقل كثير تَسَاوَيَا وتوازنا متى كانت نسبة الثقل القليل إلى الثقل الكثير كنسبة بعد رأس القصير إلى بعد رأس الطويل من المعلاق.

    ومن أمثال ذلك ما يظهر في ظل الأشخاص من التناسُب بينها، وذلك أَنَّ كل شخص مستوي القد منتصب القوام، فإن له ظلًّا ما وإن نسبة طول ظل ذلك الشخص إلى طول قامته في جميع الأوقات كنسبة جيب الارتفاع في ذلك الوقت إلى جيب تمام الارتفاع سواء، وهذا لا يعرفه إلا المهندسون أو من يحل الزيج، وهكذا توجد هذه النسبة في جر الثقيل بالخفيف وفي تحريك المحرك زمانًا طويلًا بلا ثقل ثقيل.

    ومن ذلك ما يظهر أيضًا في الأجسام الطافية فوق الماء ما بين أثقالها ومقعر أجرامها في الماء من التناسُب، وذلك أن كل جسم يطفو فوق الماء فإن مكانه المقعر يسع من الماء بمقدار وزنه سواء، فإن كان ذلك الجسم لا يسع مقعره بوزنه من الماء، فإن ذلك الجسم يرسُبُ في الماء ولا يطفو، وإن كان ذلك المقعر يسع بوزنه من الماء سواء، فإن ذلك الجسم لا يرسب في الماء، ولا يبقى منه شيءٌ ناتئٌ عن الماء، بل يبقى سطحُهُ منطفحًا مع سطح الماء سواء، وكل جسمين طافيين فوق الماء فإن نسبة سعة مقعر أحدهما إلى الآخر كنسبة ثقل أحدهما إلى الآخر سواء، وهذه الأشياء التي ذكرناها يَعرفُها من كان يتعاطى صناعةَ الحركات أو كان عالمًا بمراكز الأثقال والأفلاك والأجرام والأبعاد.

    ومن الفوائد ما يظهر من المجهولات علمها بمعرفة النسب، من ذلك ما يتبين من التناسُب بين الأشياء المثمنة وبين أثمانها المفروضة لها، وذلك أن كل شيء يقدر بقدر ما من الوزن والكيل والذرع والعدد، ثم يفرض له ثمن، فإن بين ذلك الشيء المقدر وبين ثمنه المفروض له نسبتين، إحداهما مستويةٌ والأخرى معكوسة، مثال ذلك إذا قيل: عشرة بستة فالعشرةُ هي الشيءُ المقدرُ والستة هي الثمن المفروض وبينهما نسبتان؛ إحداهما مستويةٌ والأُخرى معكوسة، وذلك أن الستة نصف العشرة وعشرها، وعكس ذلك العشرة فإنها مثل الستة وثلثيها، وكل سائل إذا سأل عن ثمن شيء ما فلا بد له أن يلفظ بأربعة مقادير؛ ثلاثةٌ منها معلومةٌ وواحدةٌ مجهولة، وبين كل قدرين منها نسبتان مستوية ومعكوسة.

    مثال ذلك إذا قيل: عشرة بستة بأربعة كم؟ فقوله: عشرة هي قدرٌ معلومٌ وكذا ستةٌ وأربعة، وأما قوله: كم، فقدر مجهول، فنقول: إن بين الستة والعشرة نسبتين كما بَيَّنَّا، وكذلك بين الأربعة وبين الكم الذي هو القدر المجهول نسبتان، وكذلك بين العشرة وبين المجهول نسبتان، وكذلك بين الستة وبينه نسبتان، بيان ذلك أن القدر المجهول هو الستة وثلثان، فنقول: إن الكم ثلثا العشرة كما أن الأربعة ثلثا الستة، وإن العشرة مثل الكم ومثل نصفه كما أن الستة مثل الأربعة ومثل نصفها، وأيضًا الكم مثل الأربعة ومثل ثلثيها كما أن العشرة مثل الستة ومثل ثلثيها، وعكس ذلك أن الأربعة نصف الكم وعشره كما أن الستة نصف العشرة وعشرها.

    فإذا قِيسَ على هذا المثال وُجد بين كل مثمن وبين ثمنه نسبتان؛ مستوية ومعكوسة وعرف المجهول بالمعلوم، وإن ضرب أحد المعلومين في الآخر وقسم المبلغ على الثالث فما خرج فهو المجهولُ المطلوبُ، مثال ذلك إذا قيل: عشرة بستة كم بأربعة، فاضرب الأربعة في عشرة واقسمْها على ستة فما خرج فهو المجهولُ المطلوبُ وهو ستة وثلثان.

    وعلى هذا المثال فقد بان أن علمَ نسبة العدد علمٌ شريف جليل وأن الحكماء جميع ما وضعوه من تأليف حكمتهم فعلى هذا الأصل أَسَّسُوه وأَحْكَمُوه وقضَوا لهذا العلم بالفضل على سائر العلوم؛ إذ كانت كلها محتاجة إلى أن تكون مبنيةً عليه، ولولا ذلك لم يصح عمل ولا صناعة ولا ثبت شيء من الموجودات على الحال الأفضل، فاعلم ذلك أيها الأخ وتفكرْ فيه غاية التفكُّر؛ فإنه علم يهدي إلى سواء الصراط، نفعك الله، وأرشدنا وإياك وجميع إخواننا بمنه ورحمته.
    سلام قولا من رب رحيم

  • #2
    جزاكم الله كل خير اخي سترابوا

    تعليق


    • #3
      جزاكم الله كل خير علي نقل هذه الرسائل الهامة للمنتدي

      ياريت الاخوة يقراوها بتمعن ويستفيدوا منها

      تعليق


      • #4
        ألف شكر أخي سترابور معلومات قيمة

        تعليق


        • #5
          بارك الله فيكم وجزاكم الله كل خير

          تعليق

          يعمل...
          X